متحف الطيبات الدولي رحلة في تاريخ وثقافة السعودية
عندما نتحدث عن الهوية الإنسانية فإن الفنون والثقافات تتربع في أعلى قائمة مكوناتها لتجسد معناها باعتبارها جزء لا يتجزأ من تشكلها على مر العصور، ففي عالم سريع التغيير والتغير تسود فيه العولمة أصبح من المهم جدا الحفاظ على هذا التراث الذي كتبه التاريخ بحبر الزمان، ولطالما لعبت المتاحف دورا حيوياً كحارس للذاكرة الجماعية التي خلفتها الشعوب السابقة، حيث تحتفظ بالقطع الفنية والتاريخية التي تحكي قصصا لا تنسى، في هذا الصدد يتألق متحف الطيبات الدولي في جدة ككتاب فني وثقافي بارز يجمع بين الأصالة والحداثة ليعرض مجموعة مذهلة من التراث العربي.
نبذة حول متحف الطيبات الدولي

يعد متحف الطيبات الدولي أحد المعالم الحديثة الشهيرة بالمملكة العربية السعودية، وهو يصنف ضمن أفضل المتاحف بالبلاد، كما أن يحتل مكانة بارزة كأيقونة لعرض التاريخي المادي والتراث الحجازي في مدينة جدة.
يطلق على متحف الطيبات كذلك اسم متحف عبد الرؤوف خليل، وقد اشتهر بهذا الاسم في الأوساط السعودية، نظرا لشهرة مؤسسه الذي نسب إليه، وهو أحد المؤرخين ورجال الأعمال السعوديين المرموقين، وقد أولى أهمية كبرى لجمع القطع والتحف التاريخية.
موقع متحف الطيبات الدولي
يقع متحف الطيبات الدولي في حي الفيصلية بمدينة جدة في المملكة العربية السعودية، وهو ينتمي لمدينة الطيبات العالمية للعلوم والمعرفة، وهو أشهر وأكبر متاحف هذه المدينة الساحلية، كما أنه يعتبر مكانا مهم لحفظ الذاكرة الشعبية لسكان المملكة.
يمكن لزوار هذا المتحف الوصول إلى عدة مواقع سياحية شهيرة بمدينة جدة أبرزها كورنيش جدة، والذي تفصل بينهما مسافة 8 كلم، فيما يبعد عنه مركز التسوق عزيز مول جدة قرابة 5.8 كلم، أما فقيه أكوريوم وهو مجمع لعرض الأحياء البحرية فيبعد عن المتحف حوالي 7 كلم.
أسعار الدخول الى متحف الطيبات الدولي
يمكن للراغبين في الدخول إلى متحف الطيبات الدولي زيارته طوال أيام الأسبوع ما عدا يوم الجمعة، وتفتح أبوابه أمام الزوار على فترتين مختلفتين خلال اليوم، فالأولى تمتد من الساعة 08:00 صباحا حتى الساعة 12:00 ظهرا، والثانية تمتد من الساعة 17:00 حتى الساعة 21:00 مساء، ويصل سعر الدخول إلى 21.32 دولار للشخص.
التأسيس والتصميم
تأسس متحف الطيبات الدولي في ثمانينيات القرن العشرين، إذ تبلور فكرة إنشائه لدى مؤسسه أواسط هذه الفترة، وقد بدأ أعمال تشييده عام 1987، واستمر العمل عليه بناء وتجهيزا مدة زمنية وصلت إلى 15 عاما، ليتم افتتاحه رسميا أمام العموم عام 1996 كمتحف تاريخي بالغ الأهمية في جدة.
صمم هذا المتحف على الطراز المعماري التقليدي في محاكاة للهندسية المعمارية الكلاسيكية الحجازية، وقد تم المزج في هندستها المعمارية بين الأسلوب العربي الحجازي والطراز الأندلسي مع لمسة عصرية فيما يتعلق بالمرافق.
ساهم عدة مهندسون معماريون سعوديون وأجانب في عمليات التصميم والإشراف والتجهيز والتزين، ويعد الفنان التشكيلي عثمان الساير أبرزه هؤلاء المبدعين الذين تركوا لمستهم فيه، ويتم تسييره من طرف مؤسسة الطيبات.
تجربة الزيارة لمتحف الطيبات الدولي

يمتد كمتحف الطيبات الدولي على مساحة تقارب 10 متر مربع، وهو ما خوله أن يصبح واحدا من أكبر المجمعات والمتاحف بالمملكة العربية السعودية، وهو عبارة عن مجمع ضخم البنية يضم أربعة طوابق، كما أن يشتمل على 300 غرفة، بالإضافة إلى مرافق أخرى متنوعة الاستعمال.
بشكل عام يعرض متحف الطيبات التراث المادي للملكة العربية السعودية، والذي يعود لتاريخ 2500 سنة، إذ تحتضن كل غرفة مجموعة متميزة ونادرة من المقتنيات الفنية والتاريخية، مما جعله يساهم بشكل كبير في الحفاظ على التراث العربي، وتعزيز روح المواطنة لدى السكان المحليين، ما يجعلهم معتزين بتاريخهم، وسهل زوار جدة فهم ثقافة المنطقة.
يتميز هذا المتحف بتصميمه الفريد والمميز، إذ زينت جدرانه بنقوش تقليدية مستوحاة من الزخارف العربية لأصيلة، وهذا ما أضفي على المتحف طابع الدفء، كما منحه ميزة ثقافية مرتبطة بأسلوب البناء، مما يثير لدى الزوار حفيظة الفضول.
تم استخدام ألوان تتدرج بين الترابية الدافئة والدرجات الغنية، مما يجسد روح التراث العربي، كما تنتشر المصابيح الخافتة في أرجاء المتحف، مما يجعله يظهر كحلم واقعي ويمنحه هيبة تتسم بها المباني التاريخية رغم أنه ليس واحدا منها.
يساهم الضوء كذلك في تعزيز الأجواء الحميمة وابرازها بشكل ملفت للانتباه، كما أن طريقة توزيعه داخل الغرف تجعل القطع المعروضة تبرز بشكل فني غاية في الجمال، مما يجعل الزوار ينغمسون في تأمل التاريخ الغني للمنطقة.
تتوفر في هذا المتحف نوافذ كبيرة تسمح بدخول ضوء الشمس لتجعل المعروضات تتألق داخله بشكل مذهل للغاية، مما يجعل الحياة تنبض بشكل خاص في كل بقعة داخل هذا الصرح الضخم البنيان، وهو ما يجعل الزوار يحسون بالحيوية أثناء التجول داخله.
يضم المتحف كذلك مجموعة من الأشجار والحدائق المنسقة بعناية تخلق جوا من الهدوء مثالي تمام للجلوس والاسترخاء، كما أنه مناسب للتأمل والقراءة، مما يتيح للزوار عشاق الثقافة فرصة الاستمتاع بزيارة مثيرة وغنية في ذات الوقت.
تمثل الأبواب في هذا المتحف آية من الجمال والمعاني الضمنية، فهي تشكل معبرا لعالم أخر يزهوا بالفن العربي العريق، حيث تمت صناعتها من خشب محلي مزخرف بأشكال هندسية ونقوش تقليدية تعكس التراث الثقافي، ويفتح بعضها بأقواس رشيقة كقوس قزح، مما يعطي المكان طابعا فنيا خاصا.
كيفية الوصول إلى متحف الطيبات الدولي
تعتبر السيارة هي أفضل خيار يمكن استخدامه للوصول إلى متحف الطيبات الدولي، وسواء استعمل الزائر سيارته الخاصة، أو استقل سيارة أجرة، فإن سيمكن بسرعة من التنقل من أي موقع في مدينة جدة حتى المتحف.
تعد الحافلات كذلك من أبرز وسائل النقل العامة التي تستخدم للوصول إلى هذا المتحف، إذ توجد العديد من محطات الحافلات التي يمكن للزوار الصعود فيها إلى أحد الخطوط التي تمر بالقرب من المتحف، وهناك يتوجب عليهم النزول واتمام الرحلة مشيا على الأقدام.
أفضل وقت لزيارة متحف الطيبات الدولي
تعتبر الفترة الممتدة من نوفمبر إلى مارس هيب الوقت المثالي للقيام بزيارة ممتعة إلى مدينة جدة، ومن خلال القيام بزيارة استكشافية إلى متحف الطيبات الدولي، ففيها يكون الطقس معتدلا ولطيفا نظرا لكون درجات الحرارة تكون منخفضة بشكل نسبي.
تمتاز الفترة من مارس إلى ماي بكونها هي أيضا مناسبة لزيارة هذا المتحف، ففي الربيع تعتدل الأجواء من ناحية الطقس، إلى جانب تفتح الأزهار، مما يخلق بيئة جميلة في محيط المتحف، وهو ما يجعل الزيارة غاية في الروعة.
في ختام رحلتنا للتعرف على متحف الطيبات الدولي، اكتشفنا أنه مكان رائع يعرض التراث السعودي الغني، كما أنه يمثل شكلا من أشكال المساعي الجبارة من أجل الحفاظ على تاريخ المنطقة، مما يجعله بوصلة توجيه وتذكير الأجيال الصاعدة بتاريخ المملكة الغني والعريق.