منطقة النورماندي في فرنسا | المعالم التاريخية والسياحية
إن فرنسا هي إحدى أكثر الدول تكاملا في المجال السياحي، فهي تحتوي على مناطق طبيعية خلابة، وقرى وبلدات ريفية، ومدن كبرى عتيقة وذات مكانة عصرية مرموقة، ومعالم معمارية تتمتع بالعراقة التاريخية، وودبان وأنهار وشواطئ رملية ساحرة. في فرنسا مناطق خلدها التاريخ، وأخرى سطر ماضيها أحداث كبرى وأحداث مهمة، ومن بينها منطقة النورماندي التي تم فيا إنزال قوات الحلفاء الشهير خلال الحرب العالمية الثانية. في هذا المقال، سنأخذكم في رحلة ممتعة للتعرف على جمال وتاريخ النورماندي. فيها نستمتع معا.
معلومات عامة عن النورماندي
تعتبر النورماندي واحدة من أبرز وأجمل المناطق في شمال فرنسا، وهي وجهة سياحية تجمع بين التاريخ العريق والجمال الطبيعي الخلاب، والتراث الثقافي. تقع نورماندي على سواحل بحر المانش، وتوجد بها معالم تاريخية وثقافية وطبيعية متنوعة، وهي تمتد على مسافة تصل إلى 30 ألف كلم مربع. تضم النورماندي مناطق مانش (Manche)، وكليرمونت (Calvados)، وسين-ماريتيم (Seine-Maritime). تحتضن العديد من المدن التاريخية أبرزها روان (Rouen) التي تحتوي على كاتدرائية ارتبطت بتاريخ جان دارك، ومدينة لوهافر (Le Havre) الساحلية الشهيرة بمينائها الحديث وعمارتها المعاصرة، ومدينة كاين (Caen) التي تتميز بتاريخها العسكري خلال الحرب العالمية الثانية. توجد بها عدة شواطئ أشهرها شاطئ أوماها (Omaha Beach) حيث جرت إحدى أهم معارك أنزال النورماندي الشهير.
تاريخ النورماندي
تعتبر النورماندي من المناطق ذات التاريخ العريق، فقد مرت عليها حضارات متعددة أثرت فيها كثيرا وساهمت في تشكيل هويتها أبرزها الحضارة السلتية والرومانية والنورسية. شهدت النورماندي أحداث تاريخية كبرى مثل تسليم معظم أراضيها لزعيم الفايكنغ رولو عام 911 من قبل الملك الفرنسي شارل، مقابل حمايتها من هجمات الفايكينغ في الشمال، وهو ما أدى إلى أن دخول النورسيين إليها وإندماجهم مع سكانها الأصليين ما خلق هوية جديدة لشعبهاانعكست في تراثها لاحقا، وقد سميت باسم نورماندي نسبة إلى هؤلاء النورسمان الذين عاشوا فيها خلال القرن التاسع للميلاد.
عرفت النورماندي تحولا كبيرا عندما تم ضمها للتاج الإنجليزي على يد ويليام الفاتح بعد انتصاره في معركة هاستينغز عام 1066، لتدخل المنطقة في حقبة جديدة وطويلة أدت لتغيرات ثقافية وسياسية حولتها لما يشبه جسر يربط بين الثقافة الفرنسية والانجليزية.
وفي الحرب العالمية الثانية، احتضنت شواطئ النورماندي أكبر انزالات الحلفاء في الحرب، والذي عرف فيما بعد بإنزال النورماندي، وكان ذلك يوم 6 يونيو سنة 1944، وقد أطلق على يوم الإنزال هذا يوم النصر D-Day. اكتسبت النورماندي بعد هذا الإنزال الذي قاده القائد العسكري آنذاك والرئيس الأمريكي فيما بعد ايزنهاور شهرة عالمية كبيرة، حيث مثلت هذه العملية العسكرية نقطة تحول حاسمة في مسار الحرب، إذ شكلت بداية لتحرير فرنسا وأوروبا من الاحتلال النازي، ورمزا للصمود والتضحية من أجل الحرية.
الطبيعة في نورماندي
تمتد نورماندي عبر منطقتين إداريتين، وهما نورماندي العليا ونورماندي السفلى، اللتين تم دمجهما في منطقة واحدة عام 2016. تحد نورماندي القناة الإنجليزية من الشمال، مما يمنحها سواحل متنوعة تمتد على شواطئ رملية واسعة، ومنحدرات عالية شهيرة، مثل منحدرات إتريتا الصخرية، وخلجان صغيرة تتخللها المناطق الصخرية. يمر نهر السين من خلال منطقة النورماندي، وهو ما جعلها تكتسب سحرا طبيعيا خاصا، إذ أنه يخترق الخضراء والمروج الواسعة.
تتنوع المناظر الطبيعية في النورماندي بين التلال المنخفضة المتدحرجة، والأراضي الزراعية الخصبة، والبساتين، والمراعي الممتدة، مما يضفي على المنطقة طابعا ريفيا. توجد بها العديد من القرى التقليدية.
تتميز نورماندي بمناخها المعتدل المناسب للزراعة، حيث يزدهر فيها النشاط الزراعي فهي من أبرز مناطق انتاج منتجات الألبان كالزبدة والقشدة وأصناف الجبن التقليدي جبن كامامبير الشهير، وبونت ليفيك، وليفاروت، كما أنها المنتج الأول للتفاح في فرنسا، حيث تتم صناعة مشروب سيدر الشهير، ومشروب التفاح التقليدي المقطر الكالڤادوس.
تشتمل النورماندي على المحميات الطبيعية، وأماكن تنمو فيها النباتات المحلية، كما أنها تحوي على أصناف متعددة من الطيور والحيوانات، إضافة إلى شواطئها الساحرة والريف الأخضر الذي يجذب الزوار على مدار العام.
السياحية في للنورماندي
تشكل السياحة دعامة أساسية لاقتصاد نورماندي، حيث تستقطب المنطقة ملايين الزوار من جميع أنحاء العالم، أغلبهم يأتون للإستمتاع بمناظرها الطبيعية الخلابة، أو لإحياء ذكرى الأحداث التي شهدتها شواطئها ومواقعها التذكارية كمدينة روان. تعتبر مون سان ميشيل واحدة من أبرز معالم الجذب السياحي فيها، إذ تتوفر به أبنيتها تاريخية ذات جمال طبيعية ساحر.
يمثل الساحل الشاسع والموانئ الحيوية مناطق جذب في النورماندي، حيث تزدهر صناعة صيد الأسماك، والتي يتم تصديرها لمدن المنطقة كلوهافر وشيربورغ، فتصبح متوفرة في الأسواق المحلية ضمن قائمة المأكولات البحرية الطازجة التي تشتهر بها.
تتواجد النورماندي بالقرب من باريس، مما يجعلها وجهة مفضلة للزوار المحليين والدوليين على حد سواء، تقام بها احتفالات يوم النصر في يونيو كل عام، والتي يحضرها الكثيرون بما فيهم المحاربون القدامى وأسرهم.
أهم المعالم السياحية في نورماندي
مونت سان ميشيل (Mont-Saint-Michel)
تعد جزيرة ودير مونت سان ميشيل من أشهر المعالم في فرنسا العائدة للقرون الوسطى، وتقع على الحدود بين نورماندي وبريتاني. تشتهر بارتفاعها الشاهق وسط البحر، خاصة عند المد والجزر، ما يجعلها تبدو وكأنها تطفو فوق المياه. تم إدراجها ضمن مواقع التراث العالمي لليونيسكو، ويتميز ديرها بطرازه القوطي وأبراجه الشاهقة. توجد بها شوارع ضيقة ساحرة، ومحلات تقليدية تعرض المنتجات المحلية.
شواطئ إنزال نورماندي (D-Day Beaches)
تعد شواطئ أوماها ويوتا وجولد وجونو وسورد رمزا للمقاومة والحرية، كما أنها تعتبر ذكرى يوم الإنزال التاريخي خلال الحرب العالمية الثانية. تحتوي على عدة متاحف ونصب تذكارية ومقابر تكرم ذكرى الجنود الذين حاربوا هناك.
روان (Rouen)
يطلق على مدينة روان لقب مدينة المائة برج، وهي تتميز بكاتدرائياتها وأبراجها القوطية الرائعة التصميم. تشتهر المدينة بحدث إحراق جان دارك عام 1431، التي أقيمت لها العديد من النصب التذكارية في المدينة.تحتوي على منازل نصف خشبية وأزقة مرصوفة بالحصى تعكس الطابع المعماري للنورماندي في العصور الوسطى. تعد كاتدرائية روان، التي رسمها كلود مونيه في عدة لوحات، أبرز معالم المدينة والمنطقة السيحية.
جيفرني (Giverny)
إن قرية جيفرني الساحرة هي منشئ الحركة الانطباعية، وموطن الرسام كلود مونيه، يتواجد فيها منزل مونيه وحدائقه المشهورة ببركة زنابق الماء وجسرها الشهير الذي توجد عليه عدة لوحات له، وهي وجهة محببة لعشاق الفن.
دوفيل وتروفيل (Deauville & Trouville)
تعد مدينتا دوفيل وتروفيل من أشهر الوجهات الساحلية في نورماندي. تشتهر دوفيل بشواطئها الرملية وممشى الخشب الشهير والكازينوهات الفاخرة والفنادق الراقية. تستضيف دوفيل مهرجان الفيلم الأمريكي السنوي، وهي وجهة سياحية للمشاهير وعشاق السينما من كل أنحاء العالم.
أشهر فنادق نورماندي
تتوفر بالنورماندي فنادق متنوعة تلبي مختلف الأذواق وتناسب جميع الميزانيات. وهذه قائمة بأفضل الفنادق فيها.
- فندق شاتو دو بريساي (Château de Brécy): يقع في منطقة بيرسي، ويتميز بتصميمه الريفي التقليدي، إذ تحيط به حدائق خلابة وحديقة أزهار مميزة تعود إلى القرن السابع عشر.
- فندق شاتو دو بيل (Château du Bel): يتواجد في منطقة سانت بيير سور ديف، وقد تم تحويله من قصر قديم إلى فندق فاخر، وهو يتميز بأجوائه الملكية.
- فندق دومين دو كلي (Domaine du Clos Fleuri): يقع في مدينة مون سان ميشيل، يتيح لزواره إطلالة رائعة على البحر والمنطقة الطبيعية المحيطة به، وهو يتميز بطرازه الفرنسي التقليدي.
- فندق لو مانور دي سيل (Le Manoir de Cailly): يتواجد في كاين، وهو يتميز بتصميمه البسيط والمريح، ويعتبر وجهة مثالية لمن يرغب في الاسترخاء وسط الطبيعة.
- فندق “لو كلوس دو ديفاس” (Le Clos des Délices): يقع بالقرب من شواطئ الإنزال الشهيرة في منطقة أونفلير، وهو يتميز بتصميمه العصري كما يتوفر على إطلالات رائعة على البحر وقربه من المعالم السياحية التاريخية.
أشهر مطاعم نورماندي
تحتوي منطقة النورماندي على مجموعة متميزة من المطاعم تضمن لزوارها تجربة طعام فريدة تجمع بين الطابع التقليدي والنكهات الفرنسية الراقية. وهذه قائمة بأشهرها.
- مطعم لو مانوار دو ريتي (Le Manoir de Rétival): يقع في مدينة كودبك إن كاو، ويشتهر بأطباقه الفرنسية الكلاسيكية المطورة بلمسات عصرية.
- مطعم لو بريكابراك (Le Bec au Cauchois): يقع في منطقة فال دو ساير، وهو من المطاعم التقليدية العريقة في نورماندي. يتميز بتقديم الأطباق النورماندية التقليدية مثل الأسماك والمحار.
- مطعم لا تابل دي موينييه (La Table des Moulins): يقع هذا المطعم في جيفرني، بالقرب من منزل كلود مونيه، ويقدم مجموعة من الأطباق الفرنسية الفاخرة.
- مطعم أو دوباري (Au Dubarry): يقع في مدينة أونفلير الساحلية، ويشتهر بأطباقه البحرية الطازجة كالمحار والأسماك.
- مطعم لا روتيسيري نورمانديز (La Rôtisserie Normande): يقع في مدينة روان، ويتميز بتقديم أطباق لحم الضأن والدجاج المشوي، وهي من المأكولات المميزة في نورماندي.
- مطعم كوتير دو لا مير (Côte et Mer): يقع في مدينة دوفيل، ويعد من الوجهات الراقية التي تقدم أطباقاً فرنسية بنكهة نورماندية مميزة، وهو مشهور بأطباقه البحرية الطازجة.
- مطعم لا ميزون بلانش (La Maison Blanche): يقع في قرية سانت فاست لا هوغ، ويقدم أطباقاً تعتمد على المنتجات المحلية.
أشهر أطباق الطعام في نورماندي
- كاسوليه المأكولات البحرية (Marmite Dieppoise): هو حساء كريمي مصنوع من مزيج المأكولات البحرية الطازجة مثل الأسماك، والقريدس، وبلح البحر.
- كالو بوف (Escalope de Veau à la Normande): هو واحد من الأطباق التقليدية في المنطقة، يتكون من قطع لحم العجل المغطاة بالكريمة المحلية، مع شرائح التفاح الطازج.
- الكامامبير المخبوز (Camembert au Four): واحد من أشهر الأجبان التي تنحدر من نورماندي، يتم يقديمه على شكل قوالب مخبوزة مع الخبز المحمص.
- فطيرة التفاح بنمط نورماندي (Tarte Normande): هي فطيرة محشوة بالتفاح المحلي وتُخبز باستخدام الكريمة والزبدة.
- أسكالوب الدجاج بالكريمة (Poulet Vallée d’Auge): هو طبق دجاج مطهو مع الكريمة والتفاح ويقدم مع صلصة التفاح والكريمة اللذيذة.
- زبدة الثوم مع القواقع (Escargots à la Normande): يتكون من القواقع الطازجة التي تُطهى بزبدة الثوم والأعشاب.
- حلوى كريم دي كاسيس (Crêpes Normandes): هو كريب مع بلمسة خاصة من التفاح المحمص وكريمة الكراميل.
- حساء البصل النورماندي (Soupe à l’oignon Normande): من أشهر أطباق الطعام الشتوية في النورماندي، يتم تحضيره باستخدام البصل والكريمة والنبيذ الأبيض، ويقدم مع خبز محمص مغطى بالجبن الذائب.
- البطة على الطريقة النورماندية (Canard à la Rouennaise: يعرف باسم بطة روان، يتم طهي البطة مع صلصة كريمة التفاح والنبيذ الأحمر، ويقدم مع خضروات موسمية.
إن منطقة النورماندي واحدة من أجمل الوجهات السياحية في فرنسا. تتيح هذه المنطقة لزوارها الاستمتاع بالمدن والقرى التاريخية كروان، كما يمكنهم أثناء زيارة شواطئها التي تم عليها إنزال النورماندي الشهير استحضار البطولات والتضحيات الجسام التي قدمها الجنود في سبيل تحرير فرنسا وأوروبا من الحكم النازي.