صورة لواجهة كاتدرائية كولونيا، تظهر الأبراج العالية والتفاصيل المعمارية القوطية المعقدة.

كاتدرائية كولونيا تحفة معمارية وأيقونة دينية في قلب ألمانيا

ظلت ألمانيا عبر تاريخها الطويل والعريق مرتبط بشكل وثيق بالمسيحية، ولطالما جسد الألمان علاقتهما المقدسة بالتعاليم المسيحية من خلال معالم ومآثر غاية في الروعة والجمال، ولا يوجد مثال حي يشهد بمدى إصرار الألمان على ترسيخ هذا الارتباط القوي بالدين المسيحي أفضل من كاتدرائية كولونيا، وهي إحدى أشهر الكاتدرائية على مستوى العالم، وواحدة من أجمل المعالم القوطية التي لا تزال صامدة وشامخة حتى يومنا هذا. في هذا المقال سنعرفكم بكل ما يتعلق بهذه الكاتدرائية المذهلة.

موقع كاتدرائية كولونيا

صورة لواجهة كاتدرائية كولونيا، تُظهر الأبراج التوأمية المعمارية والتفاصيل القوطية المدهشة التي تميز هذا المعلم التاريخي.

تقع كاتدرائية كولونيا الشهيرة باسم كولنر دام على مقربة من نهر الراين الشهير، وعلى بعد خطوات قليلة من محطة كولونيا المركزية للقطار (Köln Hauptbahnhof)، مما يتيح للزوار الوصول إليها بسهولة بالغة، وهي قريبة كذلك من الجسر الشمالي Hohenzollernbrücke، والمدينة القديمة، ومتحف لودفينغ.

كيفية الوصول الى كاتدرائية كولونيا داخل المدينة

يمكن للسياح الوافدين على مدينة كولونيا الوصول إلى هذه الكاتدرائية بسهولة تامة عبر استعمال وسائل تنقل مختلفة، فأساسا تقع الكاتدرائية على مقربة من محطة القطار الرئيسية بالمدينة، إذ بعد مغادرة المحطة يمكن التوجه نحو الكاتدرائية والوصول إليها في دقيقتين.

أما بالنسبة للزوار القادمين من الخارج أو من إحدى مدن ألمانيا عبر الطائرة إلى كولونيا، والذين يرغبون في التوجه مباشرة بعد مغادرتهم المطار نحو الكاتدرائية، فيمكنهم أن يصعدوا إلى القطار في محطة القطارات القريبة من المطار والذهاب مباشرة إلى المحطة المركزية.

توجد نقط توقف خاصة بالحافلات والترام خارج المطار، حيث يصعدوا الزوار إلى أحدهما ويتجهون عبر شوارع المدينة حتى يصلوا إلى الكاتدرائية في ظرف زمني يتراوح بين 15 إلى 20 دقيقة، أو يمكن استعمال سيارات الأجرة الصغيرة مباشرة من المطار نحو الكاتدرائية.

كيفية الوصول إلى كولونيا من المدن الألمانية الكبرى

  • ميونيخ ـ كولونيا

تفصل مسافة 580 كلم بين كولونيا وميونيخ، حيث تقطع الطائرة هذه المسافة في ظرف زمني يصل إلى قرابة الساعة ونصف، فيما تستغرق الرحلة على متن القطار السريع بين 4 إلى 5 ساعات، أما السيارة فإنها تقضي 5 إلى ساعات أثناء التنقل بين المدينتين عبر الطريق السريع.

  • برلين ـ كولونيا

تبعد كولونيا عن برلين مسافة 570 كلم، وتستغرق الرحلة بينهما عبر الطريق السريع بواسطة السيارة 5 إلى 6 ساعات، أما الطائرة فتقطع المسافة في ظرف ساعة و10 دقائق، فيما يقضي القطار بين 4 إلى 5 ساعات للتنقل بين المدينتين.

أوقات الزيارة في كاتدرائية كولونيا

تفتح كاتدرائية كولونيا أبوابها أمام الزوار من 06:00 صباحا وحتى 20:00 مساء على مدار العام طيلة أيام الأسبوع ما عدا يوم الأحد وأيام الأعياد، إذ يتحول توقيت العمل خلالها من الساعة 13:00 ظهرا حتى الساعة 20:00 ليلا.

سعر الدخول إلى كاتدرائية كولونيا

لا يقتضي الدخول إلى كاتدرائية كولونيا في حد ذاتها أي رسوم أو تذاكر فهو مجاني بشكل تام، غير أن الدخول لبعض الأقسام داخل الكاتدرائية يتطلب شراء تذكرة خاصة، فمثلا يتوجب على السياح شراء تذكرة بسعر 5 يورو من أجل الدخول إلى البرج الجنوبي، فيما يستلزم دخول الخزانة دفع 6 يورو، أما من يرغب في شراء تذكرة مزدوجة للدخول لكليهما فيتحتم عليه دفع 9 يورو.

أفضل وقت لزيارة كاتدرائية كولونيا

يعتبر فصلا الصيف هو ذروة الموسم السياحي في كولونيا، وذلك راجع لاعتدال الطقس فيه مقارنة بباقي الفصول، وهو يشهد ازدحاما كبيرا بسبب توافد السياح على المدينة بأعداد كبيرة، من جانب آخر لا يختلف الازدحام في كولونيا خلال الشتاء عن نظيره في الصيف، فرغم أن درجة الحرارة تهبط أحيانا لمستويات تصل 5 درجات تحت الصفر في الفترة من ديسمبر حتى فبراير، أن كولونيا تحتضن العديد من الفعاليات خلال الشتاء مثل أعياد الميلاد، والكارنفال الشتوي الشهير بها.

تعد الفترتان الممتدان من مارس إلى ماي، ومن شتنبر إلى نوفمبر هما الأنسب والأكثر مثالية للقيام بزيارة إلى كولونيا وكاتدرائيتها، إذ تقل أعداد الزوار نسبيا مقارنة بالصيف والشتاء، مما يجعل الجولة ممتعة بعيدا عن الازدحام الشديد، كما أن الطقس يكون معتدلا، والأجواء أكثر هدوء.

لمحة تاريخية حول كاتدرائية كولونيا

صورة لواجهة كاتدرائية كولونيا تُظهر الأبراج العالية والتفاصيل الدقيقة في التصميم القوطي، مع السماء الزرقاء في الخلفية.

إن كاتدرائية كولونيا هي إحدى أشهر المعالم التاريخية والسياحية بولاية شمال الراين ـ ويستفاليا حيث تقع مدينة كولونيا، وهي واحدة من أشهر الكنائس القوطية التي تم تشييدها عبر كل العصور، وقد امتد تاريخ بنائها لقرابة 600 عام، حيث بدأ أعمال البناء لأول مرة عام 1248م، ولم ينتهي العمل عليها إلى في عام 1880م، وذلك راجع لكون الأشغال انقطعت خلال مراحل متفاوتة على مدار ستة قرون.

يعود تاريخ وجود كاتدرائية كولونيا إلى كمبنى ديني قائم إلى عام 873م، وقد كانت عبارة عن مبنى قوطي قديم مذهل معماريا رغم صغره وبساطته، وقد استوحت كنائس أوروبا فيما بعد من هذا المبنى الأسس المعمارية الأولى وبنت مختلف الكنائس طبقا له، ولأن التاريخ يعيد نفسه بشكل غير متوقع، فإن كاتدرائية كولونيا استوحت تصميمها المعماري من الكنائس القوطية التي كانت قمة في الروعة الهندسية في فرنسا وإيطاليا خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر للميلاد.

قام الامبراطور الروماني القيصر فريديريك الأول بعد احتلاله لمدينة ميلانو الإيطالية عام 1164م بتقديم رفات المجوس الثلاثة إلى رئيس أساقفة مدينة كولونيا الكاردينال راينالد فون داسيلل، والذي نقل هذا الرفات من ميلان إلى كولونيا في نفس العام، ومن هذه اللحظة بدأت فكرة إنشاء كنيسة مهيبة المعمار تحتضن هذا الرفات، مما سيمنح المدينة قيمة كبرى لدى الكاثوليك، وسيحولها لمحج للمسيحين، وهو ما تبلور على أرض الواقع عام 1248م.

كاتدرائية كولونيا من الداخل

تحتوي كاتدرائية كولونيا على مكتبة توجد بها عدة أشياء قديمة أبرزها مخطوطات وقطع أثرية، وأواني وكؤوس مقدسة، كما يوجد في الكاتدرائية تمثال السيدة العذراء المصنوع من الخشب، والذي تم نحثه عام 1290م في مدينة ميلانو، ونقل إلى كولونيا فيما بعد، كما تتضمن لوحة مذبح دومبيلد، وهي واحدة من أشهر أعمال الفنان ستيفان لوشندر، والتي رسمها عام 1440م، بالإضافة إلى المطلية وهي عبارة عن تمثال يصور المسيح يبلغ ارتفاعه 1.8، ويعتبر هذا التمثال أقدم هيكل أنتجه الغرب تجسيدا للمسيح وهو ميت.

المكونات والأجزاء الرئيسية في كاتدرائية كولونيا

  • الصحن المركزي

يعد الصحن المركزي من أهم مكونات كاتدرائية كولونيا التي تستقطب السياح، وهو ذو مساحة شاسعة للغاية، كما أنه يتميز بارتفاعه الشاهق، بالإضافة لكونه أطول جزء في الكاتدرائية، توجد به العديد من الأعمدة التي تمتد في الأفق وكأنها متجهة نحو السماء، والنوافذ الزجاجية الملونة، وقد تمت زخرفته جدرانه بالنقوش، كما تم تزيين الأعمدة بصور ومشاهد للقديسين والمسيح، كما أنه في حد ذاته يمتد طولا حتى يصل إلى المذبح الرئيسي.

  • الجوقة

تقع خلف المذبح الرئيسي في الجهة الشرقية من كاتدرائية كولونيا، وقد تم تزيينها بنقوش مذهلة للكتاب المقدس، وهي مثال معماري خالص للفن القوطي، كما أنها تحتوي على مقاعد خشبية متقنة النحت، بالإضافة لكونها تتوفر على مذبح من الرخام الأسود مزينة بالنقوش والزخارف.

  • ضريح الملوك الثلاثة

يعرف ضريح الملوك الثلاثة بكونه الكنوز المقدسة المحفوظة في كاتدرائية كولونيا، ويقصد به التابوت المذهب والزينة بالزخارف والنقوش والمنحوتات، والذي يحتوي على رفات المجوس الثلاثة، وهم أولئك الأشخاص الذين تنبؤوا بميلاد المسيح، وزاروها عند ولادته، وقد تم تقديسهم في الثقافة المسيحية، حيث وضع رفاتهم في البداية في مدينة القدس، وتم نقله إلى ميلان خلال مرحلة الحروب الصليبية.

  • المذبح الرئيسي

هو واحد من أبرز مكونات كاتدرائية كولونيا، وقد صنع من الرخام الأسود، فيما تم تزيينه بالزخارف الذهبية، وهو يحتوي على قطع أثرية مقدسة في الثقافة المسيحية، كما أن يوجد به تمثال ضخم للمسيح.

  • البرج الجنوبي

تم تصميمه بشكل مميز، حيث يتم الصعود إليه عبر سلالم الدرج الحلزوني المكون من 500 درجة حجرية، وهو يتيح للزوار الاستمتاع بإطلالات بانوراميا فائقة الروعة على نهر الراين ومدينة كولونيا.

  • نوافذ الزجاج الملون

تمثل النوافذ الملونة العلامة المميزة لكاتدرائية كولونيا، وقد تم تصميمها بحيث تسمح بدخول الضوء إلى داخل الكاتدرائية، مما يمنحها جمالا خاصا وأجواء روحانية مميزة، وهي مزينة بنقوش لمشاهد من حياة القديسين، وقصصا تروي أحداثا تاريخية وتوراتية مهمة في التاريخ المسيحي، وقد أضيفت عليها عدة نوافذ في العصر الحديث أبرزها نافذة جيرهارد ريختر.

  • المصلى الجانبي

تشتمل كاتدرائية كولونيا على مصليات عدة منتشرة داخلها على أطراف الصحن المركزي تعرف بالمصلى الجانبي، وهي تتميز هذه المصليات بكونها صغيرة المساحة، وقد كان القديسون وأفراد العائلات النبيلة يستعملونها للصلاة، وقد تم تزيينها بالتماثيل واللوحات الزيتية.

  • سرداب الكاتدرائية والآلات الموسيقية

يوجد في كاتدرائية كولونيا سرداب مميز يشتهر بلقب سرداب الكاتدرائية، وهو يحتوي على متحف صغير يتضمن كنوزا وقطع أثرية، كما يشتمل هذا السرداب على قبور للأساقفة والكاردينالات، من جهة أخرى تحتضن كاتدرائية كولونيا واحدة من أضخم وأكبر الآلات الموسيقية التي كانت تستعمل في القداس الرسمي، وأثناء الاحتفالات المسيحية الكبرى، ويطلق عليها الأعضاء الموسيقية.

البنية المعمارية في كاتدرائية كولونيا

صممت كاتدرائية كولونيا على الطراز المعماري القوطي، إذ اهتم مشيدوها بكل السمات والخصائص المميزة لهذا الأسلوب من العمارة، وهو ما جعلها تتصدر قائمة أطول الأبنية في العالم حتى حدود عام 1884 حيث اعتلى الصدارة نصب واشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية.

يبلغ طول كاتدرائية كولونيا 157 مترا، وهو نفس الارتفاع الذي يصل إليه برجاها التوأمان، أما عرضها فيصل إلى 86 مترا، وهي تمتد على مساحة 10000 متر مربع، وقد تم بناؤها باستخدام حجر التراخيت، والحجر الرملي، وهي تتميز بوجود دعامات طائرة، وأقواس مدببة، وأقبية مضلعة.

أهمية ومكانة كاتدرائية كولونيا

تستقطب كاتدرائية كولونيا حوالي 6 ملايين سائح سنويا، أي ما يقارب 20000 زائر يوميا، مما يجعلها موقع جذب سياحي مهما في المدينة، وقد تم إدراجها ضمن مواقع التراث العالمي لليونيسكو عام 1996، وهي مقر لرئيس أساقفة كولونيا، ما يمنحها مكانة دينية مهمة لدى الكاثوليك، خاصة مسيحي ولاية شمال نهر الراين ـ ويستفاليا، كما أن عراقتها التاريخية وروعتها المعمارية يحوله لرمز ثقافي ذو مكانة كبرى في الهوية الألمانية.

إن كاتدرائية كولونيا هي واحدة من أجمل وأروع المعالم التاريخية في العالم الغربي، وهي موقع سياحي مهم في ولاية شمال الراين ـ ويستفاليا، فإن قمت بزيارة مدينة كولونيا الجميلة في ألمانيا، فلا تتردوا في الذهاب إلى هذه الكاتدرائية، ستتعرفون على تاريخ غني، وتقفون أمام واحدة من المعالم القوطية الفائقة الجمال.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *