حديقة ميسا فيردي الوطنية بأمريكا اكتشف أسرار حضارة الأنسازي
تشتهر الولايات المتحدة الأمريكية بكثرة الحدائق الوطنية والمحميات الطبيعية، وتعد هذه الحدائق من أبرز المعالم السياحية والطبيعية في البلاد. غير أن المثير للاهتمام في حدائق بلاد العم سام هو تنوعها بين حدائق طبيعية تختلف من حيث التصميم وأسلوب التنسيق، وأخرى عبارة عن محميات طبيعية تم إحداثها لحماية الحياة البرية، ونوع آخر مختلف تماما عن المعتاد عالميا، كونها حدائق تاريخية شيدتها حضارات سابقة عاشت شعوبها في إحدى مناطق أمريكا الشمالية. في هذا المقال سنعرفكم بشكل مفصل بحديقة ميسا فيردي الوطنية موطن وسكن أسلاف بويبلو.
لمحة عامة عن حديقة ميسا فيردي الوطنية
تقع حديقة ميسا فيردي الوطنية في ولاية كولورادو، وهي واحدة من أبرز المواقع الأثرية والطبيعية في الولايات المتحدة الأمريكية. يعود تاريخ ظهورها إلى الفترة الممتدة من 600 إلى 1300 ميلادي، إذ كانت في الأصل عبارة عن مساكن معقدة البناء شيدها شعب الأنسازي (وهو واحد من الشعوب القديمة التي سكنت غرب الولايات المتحدة) داخل جدران المنحدرات الصخرية الشاهقة. توضح هذه الهياكل المعمارية السكنية المذهلة تطور الهندسة الفريد من نوعه والبراعة في البناء التي امتاز بها شعب الأنسازي، وهو ما مكنه من التكيف مع البيئة القاسية.
تم اكتشاف هذه المساكن الصخرية في أواخر القرن التاسع عشر، فحظيت باهتمام العلماء والباحثين الذين أرادوا فهم طريقة حياة ونمط عيش هذا الشعب، علاوة على البحث الأكاديمي وراء أسباب هجرتهم المفاجئة من منطقة غرب أمريكا في القرن الثالث عشر. نتيجة لهذه الأهمية بادرت الحكومة الأمريكية في عام 1906إلى إنشاء حديقة ميسا فيردي الوطنية، من أجل الحفاظ على هذه الآثار التاريخية، وحماية لهها باعتبارها تراثا ثقافيا فريدا لا يجب إهماله.
أدرجت حديقة ميسا فيردي الوطنية ضمن قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو في عام 1978، وتم اعتبارها محمية طبيعية وتاريخية تقديرا للأهمية المعمارية والثقافية والتراثية لها. وقد أصبحت في وقتنا الراهن متحفا يعرض تاريخ وثقافة شعب الأنسازي، حيث يمكن للزوار استكشاف المساكن الصخرية القديمة، والتعرف على تقنيات البناء المتقدمة التي استخدمها هذا الشعب في إنشاء تلك المباني الفائقة الروعة.
المكونات والمميزات الرئيسية لحديقة ميسا فيردي الوطنية
تتميز حديقة ميسا فيردي الوطنية باعتبارها موقع طبيعيا تاريخيا مهما في الثقافة والتراث الأمريكي بتشكيلة فريدة من المساكن الصخرية التي بناها شعب الأنسازي، وعاشوها هم وأسلاف بويبلو. وقد تم حفر هذه الهياكل في جدران المنحدرات الصخرية الشاهقة، باستخدام نمط معماري وتقنيات هندسية متطورة في ذلك الوقت. وسنتعرض لكم أهم مكونات ومميزات حديقة ميسا فيردي الوطنية تواليا:
- المساكن الصخرية: هي أشهر مكونات حديقة ميسا فيردي، فهي عبارة عن مجموعة من الغرف والحجرات المنحوتة بعناية في جدران المنحدرات الصخرية، بحيث ترتبط المساكن مع بعضها عن طريق ممرات ضيقة متعرجة، كانت تستعمل كبيوت للسكن وأماكن اجتماعية ودينية تربط وتجمع أفراد مجتمع أسلاف بويبلو وشعب الانسازي بروابط متينة.
- قصر كليف (Cliff Palace): يعتبر هذا المبنى الذي يظهر من شكله أنه قصر أكبر وأشهر المساكن الصخرية في الحديقة الوطنية، وهو عبارة عن مجمع سكني ضخم يحتوي على أكثر من 200 غرفة. يقع على حافة منحدر صخري في موقع مهيب للغاية.
- باليساد (Balcony House): يعد مسكن باليساد من أشهر مساكن حديقة ميسا فيردي، وهو يتميز بشرفته الكبيرة التي تطل على الوادي المنخفض بجوار الحديقة، وتوفر إطلالات بانورامية مثيرة للإعجاب على المناطق المحيطة بها.
- سپرينغ هاوس (Spruce Tree House): مسكنى يقع على حافة منحدر شاهق الارتفاع، وهو مسكن يتكون من عدة غرف موزعة على مستويات مختلفة في جدار الجرف، وهو لا يزال يحافظ على شكله الأصلي كشاهد على براعة شعب الأنسازي المعمارية. تتوفر به إطلالات رائعة على المنطقة المحيطة به.
تحيط بحديقة ميسا فيردي المنحدرات الصخرية العالية والوديان العميقة، كما تتوفر بها مسارات سياحية خاصة تتيح للزوار الاستمتاع بمشاهدة المساكن الصخرية والمناظر الطبيعية، مما يجعل هذه المحمية الطبيعية تتمتع بالجمال الطبيعي الخلاب.
الأهمية السياحية والثقافية لحديقة ميسا فيردي الوطنية
الأهمية السياحية
تتيح زيارة حديقة ميسا فيردي الوطنية لضيوفها فرصة استكشاف آثار حضارة شعب الأنسازي وأسلاف بويبلو القديمة، وهم السكان الأصليون الذين عاشوا في هذه المنطقة قبل مئات السنين. كما أن هذه المحمية الطبيعية أساسا تمتاز بالجمال الطبيعي الساحر، والعراقة التاريخية ذات الأهمية الكبرى، وهو ما جعلها واحدة من أهم الوجهات السياحية في الولايات المتحدة. تجذب هذه الحديقة الوطنية فيردي الزوار من جميع أنحاء العالم، كما تعتبر مركزا للأنشطة الثقافية والتعليمية التي تسلط الضوء على التراث الغني لشعوب الأمريكتين.
تعتبر حديقة ميسا فيرداي الوطنية وجهة سياحية بارزة بفضل آثارها التاريخية الفريدة المتمثلة في المساكن الصخرية القديمة، بالإضافة للمناظر الطبيعية المحيطة بها مثل الوادي الأخضر الشاسع والمنحدرات الصخرية، أهم نقط الجذب في هذه المحمية الطبيعية. كما يمكن لضيوفها الاستمتاع بمشاهدة الحياة البرية المتنوعة على مستوى الحيوانات والنباتات التي تعيش في بيئة طبيعية نادرة، علاوة على توفرها على مسارات متنوعة مخصصة للمشي لمسافات طويلة.
الأهمية الثقافية
تمكن الأهمية الثقافية لحديقة ميسا فيردي الوطنية في الإرث التاريخي لحضارة شعب الأنسازي الذي يمكن التعرف عليه من خلال الآثار المعمارية والهندسية الموجودة فيها، حيث أن زيارتها عن قرب تسمح بفهم طريقة وأسلوب الحياة اليومية لهذا الشعب وأسلاف بويبلو.
تشتمل حديقة ميسا فيردي كذلك على متحفين تعرض فيهما مجموعة واسعة من القطع الأثرية التي تعود لحضارة الأنسازي، مما يساهم ويساعد في فهم أعمق للثقافة والمعتقدات التي كانت سائدة في المنطقة قبل مئات السنين. كما يتم داخل الحديقة تنظيم أنشطة ترفيهية وتعليمية مختلفة تهدف إلى تعزيز الوعي بالثقافات الأصلية في أمريكا الشمالية ملائمة لجميع الأعمار، أبرزها الأنشطة التفاعلية التي تحاكي الأساليب القديمة للبناء والزراعة.
إن حديقة ميسا فيردي الوطنية في كولاردو الأمريكية تتجاوز كونها حديقة للتنزه والتجوال، فهي في الأصل مسكن طبيعي منحوت في منحدرات الجبال عاش فيه شعب الأنسازي وأسلاف بويبلو. لذا فإن زيارة هذه المحمية الطبيعية تعد رحلة استكشافية تاريخية أكثر منها جولة في منطقة طبيعية