برج إيفل عظمة باريس المعمارية
يعتبر برج إيفل من أبرز المعالم السياحية الشهيرة في العالم، فهو صورة باريس الأولى التي تحظر في مخيلة كل من يسمع بها، وهو الأعجوبة الإبداعية التي تؤكد على قدرة التخطيط المعماري البشري. تم بناؤه في أواخر القرن التاسع عشر كإطلالات خلابة مبهرة للعالم عام 1889م، ومنذ ذلك الحين أصبح نقطة جذب دائمة لفرنسا، حيث يجذب ملايين الزوار كل عام. بفضل هيكله المعماري الشاهق ومناظره الخلابة، لا يعد برج إيفل تحفة معمارية فحسب، بل إنه أيضا نقطة جذب اجتماعية أساسية.
تاريخ برج إيفل
تم تصميم برج إيفل على يد المهندس الفرنسي جوستاف إيفل، وبدأ تطويره في عام 1887م. في البداية، تم تصميمه كقطعة مركزية لـ Article Universelle (العالم الذكي) لعام 1889م، والذي أقيم للاحتفال بالذكرى المئوية للثورة الفرنسية، وكان من المتوقع أن يُظهر البرج التقدم الميكانيكي في ذلك الوقت.
يبلغ ارتفاع برج إيفل 324 مترا (1063 قدما)، وكان أطول مبنى من صنع الإنسان في العالم عند اكتماله في عام 1889م، وهو اللقب الذي احتفظ به حتى بناء مبنى كرايسلر في مدينة نيويورك عام 1930م. في إظهار الازدراء للأفكار الأولية من العديد من سكان باريس الأصليين، الذين شعروا أن البرج كان عيبا، وأصبح رمزا مقدسا وجزءا كبيرا من مآثر فرنسا .
المواقف المتضاربة من برج إيفل لحظة بنائه
عندما تم الكشف عن برج إيفل لأول مرة، قوبل بردود فعل عكسية كبيرة من قبل الفنانين والمصممين والإعلاميين الذين اعتبروه مربكا بشكل جميل. انتقد عدد من الباريسيين المشهورين، مثل الكاتب دي موباسان، البرج على نطاق واسع، ووصفوه بأنه بشع. ومع ذلك، في ازدراء لهذا النقد المبكر، فاز هذا البرج بإعجاب الجمهور وتحول ليكون أحد المراكز الأولى المشهورة والمثيرة للفضول في العالم.
برج إيفل المعمار والترميم
يعد برج إيفل من التحف الهندسية التي مرت بدراسة تخطيطية فريدة، خاصة في وقت إنشائه. يتكون الهيكل من أكثر من 18000 قطعة ضغط، ويزن حوالي 10100 طن. استخدم إيفل ومجموعته الضغط الصناعي أثناء البناء، وهو نسيج قوي سمح للبرج بأن يكون خفيف الوزن وقويا.
تم دعم البرج بأربعة أعمدة ضخمة، مثبتة في الأرض بأساسات رائعة. إن هيكل الضغط يوزع وزن البرج بالتساوي، مما يسمح له بالصمود في وجه قوى الرياح والزلازل الطفيفة. إن الشكل المتناقص للهيكل لا يساهم في مظهره الأنيق فحسب، بل إنه يعمل أيضا على تحديث جودته.
إن إحدى النقاط البارزة في عظمة البرج هي الدقة التي تم بها تصنيع وتجميع قطع الضغط. فقد تم تجميع كل قطعة بعناية وتركيبها معا في الموقع، وهو التحضير الذي استغرق أكثر من عامين تقريبا. شارك أكثر من 300 محترف في تطوير البرج وتم الانتهاء منه في الوقت المناسب لافتتاح Le monde sensible في مايو 1889م.
القسم الثانوي ببرج إيفل تقدم في التصميم والترتيب
يعد القسم الثانوي لبرج إيفل تكملة للبناء والتخطيط الميكانيكي. كان هيكله الإطاري المفتوح ديناميكيا في ذلك الوقت، مما سمح للبرج بالوصول إلى ارتفاعات غير عادية مع تقليل مقاومة الرياح. منح الشكل الهندسي وتراصف الأعمدة، التي تتناقص نحو أقصى حد، البرج شكله المميز.
يتكون برج إيفل من ثلاثة مستويات، توفر جميعها إطلالات رائعة على باريس. تضم المستويات الرئيسية والدقيقة مطاعم ومتاجر وأماكن عرض. المستوى الثالث، تتجلى روعة المعمار، هو سطح يوفر جميع المناظر المحيطة بالمدينة، مع توسيع الرؤية لحوالي 70 كيلومترا في يوم صاف.
إضاءة برج إيفل
من أبرز ما يميز برج إيفل هو إضاءته الليلية. ففي البداية كان البرج مضاء بأضواء الغاز، والآن يذهل الجميع بوجود أكثر من 20 ألف مصباح كهربائي، والتي تصدر تأثيرا ساطعا لمدة خمس دقائق كل ساعة بعد غروب الشمس. بدأ هذا التقليد كجزء من احتفالات باريس بألف عام في عام 2000م، ومنذ ذلك الحين أصبح أحد أبرز ما يميز البرج.
بالإضافة إلى أضوائه المتلألئة، يُضاء برج إيفل أحيانا بألوان مختلفة للاحتفال بالمناسبات أو الأحداث الهامة، مثل المناسبات الوطنية أو الاحتفالات العالمية.
الأهمية الاجتماعية للبرج
لقد تجاوز البرج وظيفته الأصلية كمعلمة عرض مؤقت ليصبح رمزا عالميا، يمثل ليس باريس وفقط ولكن الثقافة والإبداع الفرنسيين. طوال تاريخه، تم تضمين البرج في عدد لا يحصى من الأعمال الفنية والكتابية والأفلام. كما كان بمثابة خلفية لمناسبات تاريخية مهمة، مثل احتلال النازيين لباريس أثناء الحرب العالمية الثانية واحتفالات تحرير المدينة في عام 1944م.
كما استضاف البرج العديد من الأحداث والمغامرات الجريئة على مر السنين. وكان أحد أشهرها في عام 1912م، عندما حاول فرانز رايشلت، وهو فنان، توضيح بدلة القفز بالمظلة الخاصة به من خلال القفز من المستوى الأول من البرج -وهي محاولة مروعة انتهت بوفاته. وفي أوقات لاحقة، كان البرج موقعا للعديد من العروض الرياضية والجمالية، من المشي على الحبل المشدود إلى العروض الضوئية المبهرة.
برج إيفل باعتباره منطقة جذب سياحي
يعد برج إيفل أحد المعالم الأكثر زيارة في العالم، حيث يجذب أكثر من 7 ملايين زائر سنويا. يذهب السائحون إلى البرج للاستمتاع بهندسته المذهلة وإطلالاته الخلابة على باريس.
يمكن للزوار الوصول إلى البرج من خلال المصاعد أو بالنسبة للأكثر جرأة، من خلال تسلق 674 درجة إلى المستوى الثاني. يوفر كل مستوى مناطق جذب مثيرة للاهتمام. يشتمل المستوى الأول على مطعم 58 Visite de la Tour Eiffel وطابق بسيط يوفر رؤية مثيرة مباشرة إلى الأرض. يضم المستوى الثاني مطعم Le Jules Verne الشهير، وهو تجربة طعام حائزة على نجمة ميشلان مع إطلالات لا مثيل لها. يتميز المستوى الثالث، وهو الأعلى، ببار الشمبانيا ومنصة المراقبة، حيث يمكن للضيوف الاستمتاع بإطلالات على نهر السين والشانزليزيه والعديد من المعالم الباريسية الشهيرة الأخرى.
الحفاظ على البرج ومستقبله
على الرغم من أن البرج عمره أكثر من 130 عاما، إلا أنه لا يزال في حالة مذهلة بفضل جهود الصيانة الدورية وإعادة البناء. كل سبعة عقود، يخضع البرج لعملية إعادة طلاء لحمايته من الصدأ. تم إعادة طلاء البرج أكثر من 20 مرة منذ تطويره، حيث تطلبت كل طبقة أكثر من 60 طنا من الطلاء.
وفي وقت لاحق، تلقى البرج أيضًا أنشطة صديقة للبيئة، بما في ذلك تركيب توربينات الرياح والألواح الشمسية وأنظمة تجميع المياه لتقليل تأثيره الطبيعي.
كرمز للأسلوب الباريسي والإبداع البشري، سيستمر برج إيفل في إثارة الدهشة والتأمل في العصور القادمة.
يظل برج إيفل رمزا قويا للتطور والحرفية والتاريخ. قد يكون تحوله من هيكل للعرض القصير إلى رمز دائم لفرنسا بمثابة تأكيد على تألق غوستاف إيفل والابداع المعماري لباريس. اليوم، لا يعتبر أحد أهم المعالم التاريخية في العالم فحسب، بل إنه أيضا رمز محبوب للعبقرية الهندسية والتراث الاجتماعي.