صورة لمتحف اللوفر، المعلم الشهير في باريس والذي يحتضن العديد من الأعمال الفنية الرائعة

متحف اللوفر جولة في أعظم معلم فني في باريس

لطالما كانت الفنون والثقافة المعبر الأول عن عما يختلج في صدر الإنسان، ودائما ما كانت هي الوسيلة التي تهرب إليها البشرية منذ الأزمنة الغابرة لتنسج من خلالها أحوالها وحياتها الاجتماعية حتى في أقدم مجتمعات الإنسانية بدائية، وفي عالم عنوانه السرعة والتغير حفظت التجارب التي مر بها الفرد والمجتمع على حد سواء عن طريق إبداع كل منهما فنيا وثقافيا، وظلت هذان المكونان الأساسيان في الهوية الإنسانية يذكرنا الذات الفردية والجماعية بما مرت به الشعوب على اختلافها ومكان تواجدها، ولعل الفن هو أكثر الأمور تعبيرا عن جوهر الإنسانية، إذ يعكس تطلعاتها وآمالها ومساعيها وحتى نضالاتها منذ فجر التاريخ، وقد عمل الإنسان على توثيق تلك التجارب من خلال جمعها وعرضها في المتاحف التي أبانت عن جدارتها في حفظ الموروث الإبداعي وكأنها ذاكرة حية جعلت الأجيال المتلاحقة ذات علاقة وطيدة بماضيها، وهو ما ارتقى بالمتاحف لتكون ذاك الجسر الذي يربط بين مختلف الثقافات، وفي هذا السياق سنتطرق في مقالنا لهذا اليوم لأحد أشهر المتاحف على الصعيد العالمي، والحديث ها هنا عن متحف اللوفر بفرنسا.

موقع متحف اللوفر

يقع متحف اللوفر في منطقة مركزية وتاريخية وسط العاصمة الفرنسية باريس وبالضبط في الدائرة الأولى، وهو يمتد على ضفاف نهار السين من الجهة اليمنى، كما أنه يقابل حديقة التويلري من ناحية الغرب، وتبعد عنه كاتدرائية روتردام مسافة 1.5 كلم، فيما تفصله يمكن التنقل بينه وبين متحف أورسيه في غضون 13 دقيقة سيرا على الأقدام.

عن متحف اللوفر

إن متحف اللوفر هو أحد أعظم المتاحف الذي شيدها الإنسان، وهو مثال حي على القيمة العميقة التي يحملها الفن كمصدر للإلهام والتفكير، مما جعله يتجاوز كونه مجرد مبنى ضخم يضم أعمالا فنية، إلى أن يتجلى على أنه كتاب يسرد قصص الأولين وتاريخهم.

يعتبر متحف اللوفر كنزا ثقافيا عالميا يتسحق الاحتفاء به بجدارة خالصة، فهو يجمع بين عبق التاريخ وجمال الفن، وذلك من خلال احتضانه لتاريخ الإنسانية عبر مجموعة من الأعمال الفنية، والتي تجعلك تبحر في عالم من الرقي والسحر والابداع في آن واحد.

يعد هذا المتحف واحدا من أبرز المعالم الثقافية وأكثرها أهمية في العالم كله، إذ يتميز في حد ذاته بقصة تطور زادته قيمة على ما يمثله، فقد كان في الأصل عبارة عن قلعة عاش فيها النبلاء خلال القرن الثاني عشر، ثم تحول على يد الملك فليب الثاني إلى متحف إبان الثورة الفرنسية الشهيرة.

يمتد متحف اللوفر كامتداد التاريخ على مساحة شاسعة تصل إلى 72,735 مترا مربعا، مما أتاح له القدرة على استيعاب حوالي 403 غرفة كل واحدة منها تعرض أعمال فنية متنوعة، ولعل أبرز ما يعرض فيه هو تلك الألواح الفنية الرائعة، والتي تحي روح المواطنة كل من يراه.

روعة متحف اللوفر من الخارج

عند زيارتك لمتحف اللوفر وقبل دخولك إليه، ستجد نفسك أمام واجهة صممت على الطراز الكلاسيكي ترحب بك وهي تبهرك بعظمة التاريخ الفرنسي خاصة فيما يتعلق بالبناء، إذ تبهرك الأعمدة الضخمة والنقوش الدقيقة التي زين بها المدخل، مما أضفى لمسة من الفخامة على المكان.

تبرز قبالتك الأقواس المزخرفة التي صممت على طريقة أسلوب النهضة، وهو ما جعلها ذات جمال معماري لا يخلو من لمسة فنية، وهي بشكلها ذلك تجعلك تشعر أنه تسرد على مسامعك حكايات عن أيام مضت من النضال والرقي.

ستسرح عيناك في الهرم الزجاجي الذي يقف أمام المدخل الرئيسي شامخا بفخر، وقد ظهر لك بشكل جلي أنه أحدث تباينا بصريا مذهلا جراء الأضواء التي تنعكس على قطع الزجاج، مما جعله يبدو كقمر يلمع وسط السماء.

ولابد لك وقبل أن تلج اللوفر أن تنتبه للحديقة الخارجية به، والتي تحتوي على مساحات خضراء مفتوحة تضم مقاعد مزينة، فتفهم من تلقاء نفسك أنه صممت هكذا لتكون مناسبة للراغبين في الجلوس والاستمتاع بالقراءة.

إن اندماج المناظر الطبيعية الجميلة مع التفاصيل المعمارية الدقيقة عند مدخل اللوفر، إلى جانب كونه مجاورا لنهر السين الذي يمر بجانبه يجعلك تستأنس بالمكان وتدرك أنه ملائما بشكل مثالي للتنزه والاستماع، كما أنه مناسب لالتقاط الصور.

يوجد كذلك مدخلان آخران يمكن للزوار الولوج منهما إلى داخل متحف اللوفر لا يقلان جمالا عن مدخل الهرم الزجاجي الرئيسي، فمدخل كاروسيل يتيح للضيوف التنقل من مركز التسوق تحت الأرض إلى داخل المتحف، فيما يستخدم مدخل بوابة الأسود لتقليص الازدحام وتقليه في أوقات الذرة خلال الصيف.

جمالية متحف اللوفر من الداخل

فور دخولك إلى المتحف ستصادفك أبوابا كبيرة مصنوعة من الخشب الصلب تجعلك تشعر دون رغبة منك بعظمة وهيبة المكان، وقد تم تزيينها بتفاصيل معمارية تجمع بين الزخارف والنقوش، مما يعكس الرقي والفخامة اللذان يمتاز بهما هذا المتحف الغني من كل الجوانب.

تشكل الممرات الواسعة ذات الأرضيات الرخامية اللامعة إحدى أبرز المكونات الجمالية الداخلية لمتحف اللوفر، وقد تم تزيين جدرانها بألوان دافئة مثل الأصفر المائل إلى الرمادي مع اللون الذهبي، مما منح المكان بهاء يعكس جمالية الذوق الكلاسيكي، ويجعل الزوار يشعرون بالإلهام أثناء تجولهم.

تلعب الإضاءة الداخلية لجميع أجزاء متحف اللوفر دورا مهما في الرفع من قيمة وجمالية تفاصيله المعمارية، فقد تصميمها بشكل مدروس ودقيق لتكون مسلطة على الأعمال الفنية المعروضة وهي معلقة، وتساهم هذه الإضاءة في خلق أجواء مريحة عبر الخفوت الضوئي الذي يمنح المكان طابعا دراميا.

ينغمس الزوار داخل هذا الفضاء الرائع الذي ينبض التاريخ في كل ركن منه في عالم من الإبداع البشري، ويشعر ضيوفه بمدى تناغم وانسجام المعروضات مع التفاصيل المعمارية في كل زاوية منه، وهو ما ارتقى باللوفر ليكون مكانا ساحرا على كل المستويات.

تتألق اللوحات المعلقة التي تعرض فيه بفعل الأضواء المميزة المسلطة عليها، فتحس وأنت تتأملها وكأنك تتعرف على قصة جميلة جديدة تروى لك، فيما تضيف التماثيل الأثرية التي نحتت بدقة وبراعة من قبل فنانين أبدعوا في صناعتها عبر مختلف العصور إحساسا رهيبا من الصمت على المتحف، وبانسجامها مع اللوحات فإنها يجعلان الضيوف منبهرين ومخطوفي العقول والأبصار ىأمام كل هذا الجمال الذي يسحرهم.

يضم اللوفر العديد من اللوحات الفنية ذات القيمة العالية، غير أن لوحة الموناليزا التي رسمها العبقري ليونادرو دافينتشي تعد أيقونة المعروضات وأميرة المتحف الأولى، وهي مشهورة بجاذبيتها الغامضة.

توجد كذلك أعمال فنية أخرى لا تقل أهمية عن الموناليزا، ولعل فينوس دي ميلو هي واحدة من أبرز وأهم هذه المعروضات، وهي مثال حي على جمال الفن اليوناني القديم، إلى جانب لوحة حرية قيادة الشعب للرسام يوجين دولاكروا، والتي تمثل روح الثورة والشجاعة.

أوقات عمل متحف اللوفر

يفتح متحف اللوفر أبوابه أمام الزوار طيلة أيام الأسبوع ما عدا يوم الثلاثاء من الساعة 09:00 صباحا وحتى الساعة 18:00 مساء، وفي يوم الجمعة لا يعمل هذا المتحف صباحا حتى الساعة 09:45، فيما يغلق مساء في نفس التوقيت اليومي.

أسعار الدخول الى متحف اللوفر

الأشخاص البالغون: 22 يورو للشخص الواحد.
الأطفال والشبان الذين لم يتموا 18 عاما: الدخول بالمجان.
المنتمون للمنطقة الاقتصادية الأوروبية (EEA): الدحول بالمجان شريطة أن تكون أعمارهم بين 18 و25 سنة.
الجمعة الأول من كل شهر بعد الساعة 18:00 مساء: الدخول بالمجان لجميع الفئات والأفراد.

كيفية الوصول إلى متحف اللوفر

  • المترو

يعد المترو واحد من أفضل وسائل التنقل التي يمكن استعمالها للوصول الى متحف اللوفر، إذ يتوفر فيه خطان هما الخط رقم 1 الأصفر والخط رقم 7 الوردي، وكلاهما يتم الصعود إليهما من محطة Palais Royal – Musée du Louvre.

  • الحافلة

تتوفر العديد من خطوط الحافلة التي يمكن استخدامها للوصول إلى متحف اللوفر، إذ يمكن للزوار الصعود في أحد الخطوط 21، 24، 27، 39، 48، 68، 69، 72، 81، 95 من أي موقع في باريس، ثم النزول عن محطة الحافلات القريبة من المتحف.

أفضل وقت لزيارة متحف اللوفر

إن تحديد الوقت المثالي لزيارة متحف اللوفر يعتمد كما هو شأن أي موقع سياحي على الفصل الطبيعي المناسب، لذا فإن باريس خلال الربيع تزدهر بجمال الخضرة والنظرة، مما يجعل الفترة الممتدة من مارس إلى ماي وقت ملائما تماما للاستماع بجولة داخل المتحف، وذلك نظرا لاعتدال الطقس وقلة الازدحام نسبيا.
من ناحية أخرى، يعد الخريف كذلك من أفضل الأوقات المناسبة للذهاب لمتحف اللوفر واستكشافه، إذ أن الفترة من شتنبر حتى نوفمبر تتميز بأجواء هادئة تزيدها دفء الألوان وتساقط أوراق الأشجار واعتدال الطقس روعة، مما يجعل من الخريف فصلا مثاليا للتنزه والتقاط الصور.

مواقع سياحية تستحق الزيارة أثناء التواجد باللوفر

  • حديقة التويلري

إن موقع متحف اللوفر المميز يمكنك أثناء زيارته من القيام بجولات ممتعة أخرى لمواقع سياحية تستحق الذهاب إليها، ولعل أقر وأنسب مكان يجب التوجه إليه بعد الانتهاء من اللوفر هو حديقة التويلري، والتي تبعد عنه مسافة دقيقة واحدة سيرا على الأقدام، وهي واحدة من أقدم الحدائق العامة بباريس إن لم تكن أقدمها.

  • قصر باليه رويال

وغير بعيد عن اللوفر وعلى مسافة 5 دقائق سيرا على الأقدام يمكن للزوار التوجه إلى قصر باليه رويال، والقيام بجولة ممتعة داخل هذا المعلم التاريخي الذي يضم أروقة كلاسيكية وحدائق تتسم بالهدوء، كما يشتمل على مقاه ذات ديكورات مميزة.

  • جسر بونت دي زار

أما إذا كنت ترغب بالاستماع بجولة سيرا على الأقدام مع إمكانية مشاهدة معالم باريس المختلفة، والقاء نظرة مذهلة من خلال إطلالة بانوراميا على نهر السين، فننصحك بالتوجه إلى جسر بونت دي زار، والذي يربط بين متحف اللوفر ومعهد فرنسا، ويمكنك الوصول إليه في غضون 10 دقائق سيرا على الأقدام.

إن متحف اللوفر هو أحد أعظم المتاحف وأشهرها على المستوى العالمي، وهو فعلا جدير بالسمعة الطيبة التي يعرف بها، فإن قمتم برحلة سياحية إلى باريس، ومررتم على نهر السين، فلا تفوتوا فرصة الذهاب لزيارة اللوفر ومشاهدة روائع الإبداعات الفنية المعروضة فيه.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *